الجمعة، 28 يناير 2022

السرطان .. أسبابه وعلاجه

السرطان .. أسبابه وعلاجه

 

 



ما هو مرض السرطان؟

السرطان عبارة عن تكاثر عشوائي وغير مضبوط للخلايا، بحيث يتغلب التكاثر الخلوي على الموت الخلوي المبرمج.. تتميز هذه الخلايا بتشوهات شكلية تخص السيتوبلاسما والنواة، وتمتلك قدرات على تثبيط خلايا الجهاز المناعي وخلق وتشكيل أوعية جديدة تستطيع من خلالها الانتقال إلى الأعضاء والأحشاء البعيدة، وهذا ما يسمى بالنقائل الورمية.

تمتلك الخلايا الورمية الخبيثة وسائط عديدة للهروب من رقابة الجهاز المناعي ليتسنى لها الاستمرار والغزو المجاور والبعيد.

يُطلق عليها بين العامة (الأنثى) كونها تلد وتتطاير، وهذا ما يميزها عن الأورام المذكّرة (الحميدة) التي لا تلد، أي لا تنتقل.

 

هل يمكن أن نعتبر السرطان مرضاً شائعاً؟

السرطان ليس بمرض شائع، ويختلف شيوعه بحسب نوع السرطان، فهناك سرطانات شائعة الحدوث كأورام الثدي 1/15 أنثى، وأورام الرئة وأورام الكولون.. وتعتبر نادرة الحدوث كبعض سرطانات الدم (اللوكيميا) 1/100.000 شخص.

يعتبر سرطان البروستات أشيع الأورام عند الذكور بعد سرطانات الجلد مثل (الميلانوما)، في حين تعتبر أورام الثدي أكثر السرطانات شيوعاً عند الإناث.

أكثر الوفيات المرتبطة بالسرطان في العالم تعود إلى سرطان البروستات وأورام الرئة عند الذكور، في حين ترتبط بأورام الثدي عند النساء. 

ما هي المسببات الرئيسية للسرطان؟

يعتبر السبب الرئيسي للسرطان مجهولاً، لكن هناك العديد من العوامل المؤهبة للسرطان أو ما يسمى بعوامل الخطورة، ويعتبر التدخين مؤهباً لسرطانات الرئة وخاصة الشكل صغير الخلايا.. ويعتبر النظام الغذائي الفقير بالألياف مؤهباً لسرطانات الكولون.. وتتهم الكحولية مزمنة بسرطانات المري والمعدة والكبد، ويعتبر التدخين والإشعاعات من العوامل المؤهبة لسرطانات المثانة.

يزداد حدوث سرطانات البروستات مع تقدم العمر (فوق 60 سنة)، ويُعتقد بدور التعرض للشمس والأشعة فوق البنفسجية بإحداث سرطانات الجلد، كما تلعب الفيروسات والإشعاعات المؤينة والبنزينات دوراً في إحداث سرطانات الدم كاللوكيميا.

الزواج المتأخر والإنجاب المتأخر وعدم الإرضاع من العوامل المؤهبة لسرطانات الثدي، كما تساهم الولادات المتكررة في إحداث سرطانات عنق الرحم، ويمكن للفيروسات أن تساهم في إحداث بعض الأورام كأورام البلعوم الأنفي وسرطانات عنق الرحم كفيروس H.P.V ، ويتهم فيروس G.B.V بإحداث سرطانات الدم.

يجب أن لا ننسى الاستعداد الوراثي وشيوع بعض الأورام في بعض العائلات كوجود قصة استعداد وراثي لأورام الثدي بسبب بعض الطفرات كمورثات BRCA1 و BRCA2، وتشاهد سرطانات الدم بشكل عائلي في 10 % من الحالات.

 

لماذا تزايد عدد المصابين بالمرض في السنوات الأخيرة؟

يعود ذلك إلى تزايد العوامل المؤهبة كشيوع الأركيلة (النرجيلة) وخاصة بين النساء، والتعرض للمواد الضارة (التلوث الخارجي والغذائي) والريجيم الغذائي الفقير بالألياف، والاعتماد على الوجبات السريعة (Fast Food) بالإضافة إلى شيوع الإنتانات الفيروسية، وخاصة التهاب الكبد.

كما لوحظ في السنوات الأخيرة تراجع النشاط الفيزيائي كالرياضة التي تلعب دوراً في تحفيز الجهاز المناعي لكبح السرطان.

ونعتقد أن الاستعمال المفرط لمانعات الحمل الفموية قد زاد من حدوث بعض الخباثات كأورام الثدي، وساهم ارتفاع عدد المدخنين بزيادة حدوث حالات سرطانات الرئة، خاصة سرطان الرئة صغير الخلايا.

 

أي أنواع السرطان هو الأكثر خطورة بالنسبة للرجل وللمرأة والطفل؟

أكثر السرطانات خطورة بالنسبة للرجال هي سرطانات الرئة التي تترافق بمعدل وفيات مرتفع بسبب الكشف المتأخر وقدوم المريض بمرحلة غير قابلة للجراحة، بالإضافة إلى أورام البروستات التي غالباً ما تُشخص بمرحلة نقائلية مع نقائل عظمية مهددة للحياة ومهددة بالعجز الحركي.

عند الإناث تعتبر سرطانات الثدي هي الأخطر بسبب شيوعها، وقد تُكشف بمرحلة متأخرة في غياب الفحص الدوري الذاتي للأنثى.

أما بالنسبة للأطفال فأكثر الأورام خطورة هي أورام الدماغ وأورام الدم كاللوكيميا، وخاصة الابيضاض اللمفاوي الحاد، كما تشاهد بعض الأورام كورم الكلية (ويلمس)، وورم الأرومة العصبية (النوروبلاستوما).

 

بعض أنواع السرطان تسببها عدوى فيروسية، هل هذا يعني أن السرطان يمكن أن يكون معدياً؟

تُتهم الفيروسات بإحداث الخباثات، والسرطان ليس بمرض معدٍ، لكن الإصابات الفيروسية قد تؤهب للخباثات، وأكثر الفيروسات المتهمة بإحداث الخباثات هو EBV (فيروس إبشتاين بار) المتهم بإحداث لوكيميا الدم اللمفاوية واللمفومات خاصة (لمفوما بوركيت) وخاصة عند المرضى المدنفين مناعياً.. ويتهم فيروس HPV (البابيلوما) بإحداث سرطان البلعوم الأنفي وسرطان عنق الرحم.

تلعب الفيروسات دوراً هاماً في إحداث السرطانات عند المرضى المثبطين مناعياً كمرضى اغتراس الأعضاء ومرضى الإيدز (HIV).

بالمجمل، السرطان مرض غير معدٍ ولكن الفيروسات عامل مؤهب له، وقد طوّرت مجموعة من اللقاحات للوقاية من السرطان، كلقاح ضد HPV (Human Papillom) للوقاية من سرطان عنق الرحم عند الإناث.

 

تنتشر معتقدات كثيرة تربط بين الإصابة بالسرطان وتناول بعض الأطعمة مثل اللحوم والسكريات ومشتقات الألبان.. أو استخدام الميكروويف والتعرض لموجات الجوال.. ما مدى صحة تلك المعتقدات؟

يرتبط حدوث السرطان بالنظام الغذائي الغني بالبروتين الحيواني (اللحوم) والفقير بالألياف متهم بإحداث سرطانات الكولون والمستقيم، كما ترتبط الكحولية المزمنة بإحداث سرطانات المري والمعدة.

فيما يخص الميكروويف وأشعة موجات الهاتف الجوال لا توجد دراسات كافية لربط هذه الأفكار مع تزايد السرطان، ولكنها ما زالت قيد التقييم.

تعتمد الخلية الورمية الخبيثة في غذائها على السكر، فهي تزيد من قنص السكر، وهذا مرتبط بدرجة خباثتها، ولكن لا توجد معطيات كافية للقول بأن الريجيم الغذائي الغني بالكربوهيدرات يزيد من السرطانات، لكن يستفاد من هذه النظرية لربط السكر مع المواد والنظائر المشعة في الوسائل التشخيصية لتحديد مرحلة الورم وامتداده.   

 

هل يمكن للعامل الوراثي أن يكون سبباً رئيسياً للسرطان، وهل يتساوى تأثير الوراثة لجهة الأب والأم؟

السرطان لا ينتقل بالوراثة ولكن هناك استعداد وراثي، حيث يشيع حدوث بعض الخباثات في بعض العائلات كشيوع سرطان الثدي في بعض العائلات بسبب وجود طفرات وراثية كما أسلفنا سابقاً دون وجود وراثة ماندلية (بحسب ماندل مؤسس علم الوراثة) مرتبطة بالأب أو الأم.

يشاهد بعض حالات سرطانات الكولون العائلية بسبب داء البوليبات العائلي، وهو حالة ما قبل ورمية تتحول إلى الخباثة، كما تشاهد زيادة بسرطانات الدم في بعض العائلات دون أن تنطبق عليها الوراثة الماندلية.

هل جميع أنواع السرطان لديها نفس درجات الخطورة والأمان في حال تم اكتشافها مبكراً أو تأخر الاكتشاف؟

تختلف خطورة السرطان بحسب مرحلة اكتشاف الورم، في حال الاكتشاف الباكر لأغلب الأورام تحدث نسب شفاء أعلى بسبب الاستفادة من الجراحة الشافية والاستئصال الجذري للورم ومن ثم المعالجة التعزيزية الكيماوية والشعاعية، لذلك يُنصح دائماً بالكشف المبكر عن الأورام عند المرضى ذوي الخطورة العالية للحصول على معدل شفاء أعلى ومعدل بقيا أطول.

 

هل يخبر الطبيب المريض أو أهله بحقيقة وضع المرض تماماً؟ ولماذا؟

يقوم طبيب الأورام المعالج بإخبار الشخص الثقة في العائلة بوضع المريض ونوع الورم وخطورته ومرحلة الورم ومراحل العلاج، وهذا يهدف إلى التعاون مع العائلة على مساعدة المريض لتدارك آثار العلاج وتحمّله بشكل جيد، ورفع معنويات المريض بحيث يطاوع جيداً العلاج، كما إن إخبار الشخص الثقة في العائلة ضروري جداً من أجل وضع برنامج زمني لحياة المريض مع العلاج ومعدل البقيا المتوقع.. ويمكن للطبيب المعالج في بعض الحالات في مجتمعنا أن يخبر المريض نفسه إذا أراد المريض، وهذا يساعد المريض في هذه الحالة على تقبل العلاج حتى لا يبقى في حيرة من أمره، مما يدفعه أحياناً لرفض العلاج.

 

على أي أساس يتم تطبيق العلاج الكيماوي والإشعاعي على مريض السرطان؟

يتم تطبيق العلاج الكيماوي والشعاعي اعتماداً على مجموعة من العوامل: عمر المريض، حالة المريض العامة، مدى تحمّله للعلاج، نمط الورم الخبيث، بالإضافة إلى مرحلة الورم وامتداده، حيث تعتبر المعالجة الكيميائية أساسية في أغلب الأورام الشافية بعد الجراحة بهدف منع النكس ومنع انتشار المرض، في حين أن الأشعة تعتبر ضرورية في بعض الخباثات كأورام الثدي والرئة والمثانة والبروستات، بهدف منع النكس الموضعي بعد الجراحة.

 

إذا كان العلاج الكيماوي والشعاعي للشفاء لماذا يتم تطبيقه على الحالات الميؤوس منها؟

في الحالات الميؤوسة يُلجأ إلى المعالجة الكيماوية والإشعاعية التلطيفية فقط (غير الشافية) بهدف تسكين الآلام وتحسين نوعية الحياة عند المريض، حيث يلعب العلاج الإشعاعي دوراً هاماً في تسكين الآلام العظمية وتخفيف حجم الكتلة الورمية والأعراض الانضغاطية الناجمة عنها، والتي تخفف الآلام وتحسّن نوعية الحياة وتفاعل المريض مع المجتمع المحيط.

 

هل استئصال الورم السرطاني بالجراحة يعطي فرصة أكبر للشفاء؟

الاستئصال الجراحي للورم في مراحل الكشف المبكر هو أساسي ويعطي فرص شفاء عالية جداً، حيث تعتمد الجراحة على استئصال كامل الورم مع هامش أمان جيد لمنع النكس، وقد نلجأ أحياناً إلى استئصال العضو كاملاً، كاستئصال ثدي كامل أو استئصال قطعة من الكولون، مع تجريف كامل العقد اللمفية المجاورة لمنع امتداد وانتشار المرض، ويصار بعدها إلى العلاج الكيماوي والإشعاعي التعزيزي (Adjuvant).

 

ما هي الأعراض الجانبية للعلاج الكيماوي؟ وكم تستمر؟

تعتبر الأعراض الجانبية للعلاج الكيماوي مزعجة للمريض، وهذا يختلف من شخص إلى آخر، ويعتمد على تحمّل المريض للعلاج.

أكثر الآثار الجانبية هي تساقط الأشعار الذي يكون تاماً أحياناً لدرجة الصلع، والآثار الناجمة عن عدم التحمل الهضمي: كالغثيان والإقياءات والإسهالات والقلاع.

وتعتمد شدة الآثار الجانبية على درجة التكثيف العلاجي، وقد ترتبط ببعض الأنواع من الأدوية الكيماوية، وخاصة المطبقة لعلاج سرطان الثدي واللمفومات، والتي تترافق بتساقط شعر شديد.

تستمر هذه الآثار الجانبية من 5 ـ 7 أيام بعد العلاج، وقد يدوم تساقط الأشعار طيلة فترة العلاج إلى ستة أسابيع بعد نهاية العلاج الكيماوي.

قد يحدث تثبيط نقي ناجم عن سمية العلاج الكيماوي، خاصة بعد 7 ـ 10 أيام من البروتوكول العلاجي.

حالياً تم تطوير العديد من السبل للوقاية من الآثار الجانبية للعلاج الكيماوي، كالتحضير الجيد بالأدوية المضادة للإقياء والأدوية الوقائية لمنع تثبيط نقي العظام، واستعمال عوامل النمو للوقاية من نقي الدم التالي للعلاج الكيماوي، بالإضافة إلى اتباع ريجيم غذائي بالأطعمة الباردة للتخفيف من الآثار الهضمية الناجمة عن العلاج الكيماوي، بالإضافة إلى تثقيف المريض جيداً حول الآثار وكيفية الوقاية منها، حتى يتم تحسين مطاوعة المريض للعلاج.

 

كيف تؤثر المعالجة الإشعاعية على المريض؟

توجد آثار جانبية للعلاج الشعاعي على المريض، منها ما تسمى باكرة كالحروق وتثبيط النقي وعدم التحمل جيداً كالقلاع والسلاق والتهاب المري الشعاعي.

وهناك اختلاطات متأخرة كنقص الخصوبة (العقم)، التهابات الرئة الشعاعية المزمنة.. مع ذلك يتم تنبيه المريض إلى هذه الاختلاطات وأغلبها عابر، وهي مرتبطة بشدة العلاج الشعاعي وأماكن تطبيقه.

 

ماذا لو عاد السرطان بعد الشفاء؟

يمكن للسرطان أن يعود بعد الشفاء، وهذا ما يسمى بالنكس، وقد يكون باكراً أو متأخراً، وهذا يعتمد على نوع الورم ومرحلته، وفي كل الحالات يعالج المريض مرة أخرى ضمن بروتوكولات النكس ويعود للشفاء مرة أخرى ثم يخضع للمراقبة الدورية من خلال الواسمات الورمية والاستقصاءات الشعاعية التي يرسمها الطبيب المعالج.

 

ألا يحتاج مريض السرطان إلى دعم نفسي خاص؟

يحتاج مريض السرطان إلى دعم نفسي من قبل الطبيب المعالج والعائلة والمقربين، بالإضافة إلى الحاجة لوجود مرشد اجتماعي، لأن الدعم النفسي للمريض يساعده على التحمل والمطاوعة للعلاج، وبالتالي الحصول على أفضل النتائج العلاجية، ويرفد هذا الدعم النفسي بدعم اجتماعي وغذائي لتجاوز اختلاطات العلاج. 

 

كيف يحمي مريض السرطان المتعافي نفسه من انتكاسة المرض؟

حتى يتجنب مريض السرطان النكس يجب عليه الالتزام بإرشادات الطبيب المعالج فيما يخص المتابعات الدورية، وغالباً كل 3 أشهر خلال السنتين الأولين، والتي تشمل الفحص السريري وإجراء الواسمات الورمية والاستقصاءات الشعاعية الضرورية للكشف المبكر عن النكس، مع الحاجة إلى الالتزام بالإرشادات الصحية الضرورية كتجنب العوامل الضارة الغذائية والسمية كالكحول والتدخين، والالتزام بالنظام الغذائي بالتنسيق مع طبيب التغذية.

 

هل توجد حمية غذائية خاصة بمريض السرطان؟

يجب على مريض السرطان اتباع ريجيم غذائي غني بالخضار والفواكه والألياف، فقير بالبروتين الحيواني، مع نظام غذائي متوازن من الكربوهيدرات والبروتين النباتي، بالإضافة إلى تجنب التدخين والكحول والعوامل المؤكسدة، والإكثار من الفيتامينات وخاصة الفيتامين D وحمض الفوليك والكالسيوم للوقاية من الترقق العظمي المرافق للعلاج ولتخفيف النمو الورمي.

 

هل هناك إرشادات عامة للوقاية من الإصابة بمرض السرطان؟

هناك العديد من الإرشادات للوقاية من السرطانات، وعلى رأسها تجنب العوامل المؤهبة للسرطانات كالتدخين والنرجيلة والكحول، بالإضافة إلى الإكثار من الغذاء الغني بالألياف والإكثار من الفيتامينات، وممارسة الرياضة الدورية التي تحفز الجهاز المناعي، كما يُنصح بتجنب العلاقات الجنسية الشاذة التي تؤهب للانتانات الفيروسية.

كما يُنصح بالفحص الدوري الذاتي عند الإناث للكشف عن أي كتلة بالثدي باكراً، كما ينصح بالمسح الدوري (Screening) للجهاز الهضمي وإجراء الدراسة الهضمية باكراً في حال وجود أعراض هضمية كالإمساك أو الخروج المدمّى.

وينصح بزيارة طبيب العائلة عند مشاهدة أعراض غير عادية كنقص الوزن أو السعال أو نفث دم، كما ينصح بإجراء صورة الصدر دورياً سنوياً عند المدخنين للكشف الباكر عن أورام الرئة، عند الرجال فوق 50 سنة ينصح بإجراء دوري سنوي للمستضد السرطاني للبروستات (P.S.A).

وينصح دائماً بنشر برامج التوعية عن السرطان وإقامة الندوات التثقيفية عن كيفية الكشف المبكر عن الخباثات.

 

هل يمكن اعتبار شفاء بعض الحالات المستعصية أو الميؤوس منها نوعاً من المعجزات؟

توجد حالات شفاء لبعض الحالات المستعصية، وليست بمعجزة مع توفر وسائل علاجية حديثة كالعلاجات المناعية وتطوير المعالجة الهدفية وإن كانت قليلة وباهظة الثمن.

ذُكرت حالات شفاء لأورام كلية نقائلية بعد استئصال الكلية، وحدث تطور هائل في المعالجات الهدفية (المعالجة الذكية) التي حسنت النتائج وزادت من معدل بقيا المرضى أشهراً وسنوات، لذلك يجب على المريض أن لا ييئس، فهناك شفاء، ويجب متابعة ومطاوعة العلاج.

 

هل أصبح السرطان اليوم مرضاً يمكن للأطباء التحكم به؟

السرطان حالياً يعتبر من الأمراض الشافية، وخاصة في حالة الكشف المبكر، وقد تطورت الوسائل العلاجية حديثاً حيث تم الكشف عن بيولوجيا ومناعة الخلية الورمية الخبيثة، ويتم حالياً التحكم بها ومحاربتها من خلال تطوير خطوط علاجية حديثة تستهدف الخلية، المتعارف عليه سابقاً هو العلاج الجراحي الكيماوي والشعاعي والهرموني، وحالياً هناك الهدفي (Target-T) والمعالجة المناعية (Immunotherapy) التي تهدف إلى تدمير الخلية الورمية وتحفيز الجهاز المناعي لقتل وكبح الخلية الورمية.

ومع تطور هذه العلاجات نأمل الشفاء لعدد كبير من المرضى، ويستمر البحث العلمي للكشف الدائم عن مستضدّات على سطح الخلية الورمية ليتم استهدافها وقتلها، وبالتالي استمرار شفاء المريض ومعدل حياة أطول. 

 

 

الدكتور فراس حسن حسين

ـ اختصاصي أمراض دم وأورام.

ـ دكتوراه بأمراض الدم والأورام من فرنسا.

ـ معالجة كيميائية لسرطانات الدم والأورام الصلبة.

ـ استشاري بأمراض المناعة واغتراس نقي العظم.

ـ مدرس في كلية الطب البشري بجامعة تشرين.

ـ مدرس في كلية الطب البشري بجامعة الأندلس الخاصة.

ـ رئيس شعبة أمراض الدم في مشفى تشرين الجامعي باللاذقية.

 

 

السرطان .. عدوك الذي لم يعد مجهولاً!

 

                     السرطان .. عدوك الذي لم يعد مجهولاً!

 

 

قد يكون السرطان هو المرض الأكثر إثارة للرعب في العالم، وخاصة في عالمنا العربي، فمجرد ذكر اسمه يعني بالنسبة لمعظم الناس (الموت).. ويبدأ التعامل مع مريض السرطان بكثير من الإشفاق والتعاطف باعتباره يقوم برحلته الأخيرة على الأرض، وسيكون في عداد الأموات قريباً (عاجلاً أو آجلاً).. ويبدأ المريض بتلقي العلاج وسط حالة من التكتم الشديد بقصد أو من غير قصد من قبل الطبيب وطاقم التمريض والأهل!


 

للأسف، هذه الطريقة في التعامل مع مريض السرطان هي إحدى مسببات تأزم الحالة وربما تأخير الاستجابة للعلاج أو حتى عدم الاستجابة تماماً.. لأن أكثر ما يمكن الخشية منه بالنسبة لمريض السرطان هو انهيار معنوياته، وشعوره بأن العلاج رحلة من العذاب المادي والمعنوي، فيرفض الاستجابة ظاهراً أو باطناً!

 

أنواع السرطان وأعراضه

السرطان هو مرض يصيب خلايا الجسم، فخلايا الجسم الطبيعية تنمو وتنقسم بطريقة منظّمة عن طريق الجينات المتواجدة داخل نواة الخلية، فإذا حدث خلل في التركيب الجيني للخلية يفقدها السيطرة والتحكّم على هذه العمليات ممّا يؤدّي إلى النمو السريع للخلايا المصابة بشكل عشوائي، والانقسام في الخلايا الواحدة تلو الأخرى... أما أبرز أنواع السرطان فهي:

سرطان البنكرياس

يحدث هذا المرض في البنكرياس حيث يصيبه ويُعطّل عمله، ثم ينتقل إلى أجزاء أخرى من الجسم كالكبد.. ويعتبر أكل اللحوم الحمراء بكثرة والمشبعة بالدهون من أكثر العوامل الخطرة لهذا المرض، كما إن العمر والتدخين ومرض السكري يلعبون دوراً في زيادة احتمال الإصابة بهذا المرض.

سرطان الرئة

سرطان الرّئة والقصبة الهوائيّة يعتبر من أخطر أنواع السّرطانات الخبيثة وأكثرها انتشاراً، وهو يصيب الجهاز التنفّسي، ويعتبر التدخين العامل الأساس الأوّل للإصابة به، بالإضافة إلى بعض المواد الكيميائيّة والصناعية المتطايرة، ومن أهم أعراضه السعال المزمن الذي من الممكن أن يُصاحبه خروج الدم مع البلغم.

سرطان القولون

يصيب الأمعاء الغليظة، ويُسمى أيضاً (سرطان القولون المستقيمي) وتعتبر الكحول وإدمانها السبب الأهم للإصابة بهذا المرض، وكذلك التدخين وتناول الأطعمة الدهنية بكثرة، والوراثة، ومن أهم أعراض هذا السرطان تغيّر حركة الأمعاء ونزول الدم مع البراز.

سرطان الثدي

يعتبر الأول على ترتيب السرطانات التي تصيب النساء، وإذا تم اكتشافه مبكراً يسهل علاجه.. ومن أهم أعراض هذا المرض هو ظهور كتل في الثدي وتغير في شكل الثدي الخارجي وإفرازات حلمة الثدي.

سرطان الدماغ

يصيب المخ، أو المخيخ، أو الحبل الشوكي، وبالتالي يؤثر في باقي أجزاء الدماغ.. ويعتبر الصداع والسعال والزيادة في ضعف البصر من أشهر أعراض سرطان الدماغ، وتعتبر سرطانات الدماغ ثاني أكثر السرطانات انتشاراً لدى الأطفال.

سرطان الجلد

يصيب أصحاب البشرة البيضاء أكثر، ومن أعراضه ظهور النتوءات أو الاحمرار في مناطق معينة في الجلد، التهابات الجلد المستمرة، بالإضافة إلى البقع الزرقاء أو الحمراء، أو حتى الثقوب التي تظهر على الجلد.

سرطان الكبد

من أسبابه: الإصابة بفيروس الكبد الوبائي B أو C، الإفراط في تناول المشروبات الكحولية، الإصابة بداء الصباغ الدموي (نتيجة وجود كمية كبيرة من الحديد مخزنة في الجسم)، تليف الكبد، البدانة، السكري، أمراض القولون.

ومن أعراضه: اليرقان، ألم في الجانب العلوي الأيمن من البطن، انتفاخ أو تورم في الجزء العلوي من البطن، بول غامق اللون، فقدان الشهية، الغثيان، الإرهاق، فقدان الوزن دون سبب.

سرطان البروستات

عادة ما يصيب الرجال الأكبر سناً فوق سن 60 عاماً، ومن أسبابه: الاستعداد الوراثي، النظام الغذائي الغني بالدهون، الإفراط في تناول المشروبات الكحولية..

ومن أعراضه: تكرار التبول أو مشاكل في التبول، وجود دم في البول، ألم في الظهر أو الساق، فقدان الشهية وألم في العظام (في حال انتشار المرض).

سرطان الدم

من أعراضه الإصابة بفقر الدم، فيعاني المريض من التعب من أي مجهود يقوم به ودوخة وكثرة حب النوم وكسل شديد، ظهور الكدمات على الجلد نتيجة عدم قدرة الجسم على وقف التجلطات، نزيف متكرر من الأنف أو اللثة، جلطات صغيرة مختلفة مع آلام في البطن والصدر.

 

 

قلة وعي ومعتقدات خاطئة

وللأسف مجدداً، لن تجد إلا نسبة قليلة جداً من الذين يمتلكون بعض المعلومات حول مرض السرطان، أو بشكل أدقّ، حول نوع من أنواعه نتيجة معايشة حالة خاصة أو الحصول على بعض المعلومات من مصادر مختلفة...

لذلك يبدو نشر الوعي حول حقيقة مرض السرطان أول وأهم الإجراءات لكسر سلسلة المعتقدات الخاطئة: (مرض السرطان يعني الموت، مرض السرطان ليس له أعراض، لا يمكن فعل أي شيء لتقليل احتمالات الإصابة بمرض السرطان، لا يجب التحدث عن مرض السرطان)!

 

حياتنا الجديدة.. استدعاء للأمراض

أصبح إيقاع حياتنا سريعاً جداً، ابتعدنا كثيراً عن الطبيعة التي باتت تمثل لدينا حالة من التخلف الحضاري، وانغمسنا في عالم التكنولوجيا الجذاب.. وصار تناول الوجبات السريعة والغذاء غير الصحي عادة نبررها بضيق الوقت الذي يتسع دائماً لساعات التدخين و(الأركيلة) ومواقع التواصل الاجتماعي...    

وصرنا نعتبر توفر الفاكهة والخضار في غير أوانها نوعاً من التطور الحضاري، متجاهلين كل ما يقال عن مخاطر الهرمونات التي جعلت فاكهة الصيف تؤكل في الشتاء.. لنكتفي بإبداء الأسف للحظة حين نسمع عن إصابة أحد نعرفه بمرض السرطان لأسباب غالباً ما نمارسها حتى أثناء سماع الخبر..!

يضاف إلى ذلك كمّ هائل من الضغوط النفسية التي تحاصرنا طوال الوقت، والتي تجعل مقياس الكآبة داخلنا مرتفعاً للغاية!

 

الشفاء حقيقة مرتبطة برغبة المريض

يدرك المهتمون بمرض السرطان، وهم غالباً من ذوي أحد المرضى الذين تجاوزوا الصدمة الأولى وباشروا رحلة البحث عبر الاستشارات الطبية والكتب والانترنت أن هناك كمّاً هائلاً من المعلومات حول هذا المرض وأسبابه وأعراضه وطرق علاجه التقليدية والمبتكرة، وأن هناك آلاف القصص الحقيقية التي تروي تجارب أشخاص اختاروا مواجهة المرض لا الاستسلام له، ونجحوا في التغلب عليه وعلى توقعات الأطباء رغم وصولهم إلى المراحل المتقدمة للمرض، ما يعني أنهم كانوا على حافة الموت، لكنهم قفزوا بإرادتهم إلى حضن الحياة الواسع!

المعالجة الإشعاعية للأورام

 

المعالجة الإشعاعية للأورام

 

 



ما هي المعالجة الإشعاعية؟

المعالجة الإشعاعية شكل من أشكال المعالجة الموضعية للسرطان، تستخدم فيها أشكال متعددة من الإشعاعات المعروفة بقدرتها على إحداث أذية مميتة في الخلايا الحية إذا تمتعت ببعض الصفات الخاصة وأعطيت بكمية كافية.

فالإشعاعات هي عبارة عن طاقة (على شكل أمواج أو محمولة على جسيمات متناهية في الصغر) وهي تنقل جزءاً من طاقتها عند عبورها لوسط مادي ما.  المبدأ الأساسي الذي تعتمد عليه هذه المعالجة هو أن طاقة الأشعة المودعة في النسيج الحي تؤدي إلى حدوث بعض التغيرات الحيوية على مستوى الجينات أو بعض مكونات الخلية الأخرى، تؤدي إلى توقف نمو الخلايا وانقسامها، وبالتالي موت الورم وانكماشه.

تشير الإحصاءات العالمية إلى أن حوالي 40 – 70 % من المرضى المصابين بالسرطان تعطى لهم المعالجة الإشعاعية كجزء أساسي من تدبيرهم العلاجي، حيث تتميز بفعاليتها العلاجية مع الحفاظ على وظيفة العضو المصاب، ومعظم المرضى يتحملون هذه المعالجة بشكل جيد وآثارها الجانبية نسبياً قليلة، وخاصة بعد توفر التقنيات الحديثة التي تسمح بحماية الأعضاء السليمة من التعرض الإشعاعي غير اللازم.

 

ما هي أهداف المعالجة الإشعاعية؟

نلجأ للمعالجة الإشعاعية عند مرضى السرطان لتحقيق أحد الأغراض العلاجية التالية: أولها, إن كان بالإمكان، القضاء على الورم والسيطرة على نموه والوصول إلى الشفاء التام، وهذا ممكن التحقيق في بعض الأورام التي تتأثر بشكل جيد بهذه المعالجة، وكانت في مراحلها المبكرة .

والهدف الثاني الذي تعطى من أجله المعالجة الإشعاعية هو التخلص من الخلايا الورمية التي من المحتمل بقاؤها بعد إجراء الاستئصال الجراحي للورم، وهذا يقلل من نسبة عودة الورم في المستقبل ونموه من جديد.

أما الهدف الثالث المهم، في الحالات المتقدمة من الأورام والتي يقل أمل شفائها وتتطور لدى المريض انتقالات ورمية متعددة في أعضاء الجسم المختلفة وما تسببه هذه الانتقالات من أعراض مزعجة تؤثر سلباً على نوعية حياته، فتعطى المعالجة الإشعاعية بهدف تلطيف وإنقاص شدة هذه الأعراض مثل تسكين الألم أو إيقاف النزف أو تحسين الحالة الطبية والحركية للمريض.

والجدير ذكره أنه يمكننا مشاركة المعالجة الإشعاعية مع البدائل العلاجية الأخرى كالعلاج الكيميائي والهرموني حيث تتضافر القدرة العلاجية لهذه الأورام لنحصل على نتائج علاجية أفضل.

 

ما هي أنواع الإشعاعات المستخدمة في المعالجة الإشعاعية والأجهزة التي تولدها؟

اكتشفت الإشعاعات والمواد المشعة وعرف أثرها على المادة الحية منذ أكثر من قرن، وقد دأب العلماء منذ ذلك الوقت وحتى الآن على البحث عن أفضل الطرق لاستخدامها في معالجة السرطان، وقد ساهمت التطورات التقنية في أجهزة المعالجة والفهم الأفضل لأثر الإشعاعات على المادة الحية في جعل المعالجة الإشعاعية من الخيارات الأساسية في معالجة الأورام السرطانية.

الإشعاعات المستخدمة في هذا النوع من المعالجة يمكن أن تصدرها بشكل تلقائي بعض المواد المشعة الموجودة في الطبيعة، حيث تحضر منابع مشعة تحوي هذه المواد وتوضع في أجهزة تسمح بالتحكم بحزم الإشعاعات الصادرة وتوجيهها لجسم المريض.. أهمها جهاز المعالجة بالكوبالت وهو جهاز يحتوي على منبع إشعاعي مكون من العنصر المشع ( الكوبالت – 60 ) تصدر عنه أشعة غاما تستخدم في المعالجة الإشعاعية من خارج الجسم، وجهاز المعالجة الإشعاعية ضمن الأجواف الذي يحتوي على العنصر المشع ( السيزيوم -37 ) كمنبع إشعاعي.

أو يمكن توليد هذه الإشعاعات بواسطة أجهزة خاصة، وهي الأكثر استخداماً في الممارسة الطبية الروتينية، لأنها تتيح توليد إشعاعات بطاقات مختلفة تمكننا من معالجة الأشكال المختلفة من الأورام.. وأهم هذه الأجهزة في الوقت الحالي  جهاز المسرع الخطي، ويستخدم لتوليد الأشعة السينية وأشعة الإلكترونات بطاقات مختلفة. وسمي بهذا الاسم لأن آلية عمله تقوم على توليد حزمة من الإلكترونات يتم تسريعها في مسار مستقيم, هذه الحزمة يمكن أن توجه إلى جسم المريض مباشرة بعد تشكيلها وتركيزها لمعالجته, أو تستخدم لتوليد أشعة سينية عالية الطاقة حيث توجه لتصدم هدف معدني ( مكون عادة من معدن التنغستين ) ويتولد نتيجة هذا الاصطدام أشعة سينية يمكن تشكيلها وتوجيهها إلى جسم المريض.. وقد زودت هذه الأجهزة بمكونات تسمح بتركيز حزم الأشعة في مكان الورم الذي نريد معالجته.

 

ما هي أنواع المعالجة الإشعاعية ؟

يمكن التمييز بين عدة أنواع للمعالجة الإشعاعية:

ـ المعالجة الإشعاعية الخارجية: وهي معالجة تتم بتوجيه الأشعة الصادرة عن جهاز المعالجة من مسافة تبعد حوالي 80 ـ 100 سم عن جسم المريض.

ـ المعالجة الإشعاعية القريبة: وهي معالجة إشعاعية تستخدم فيها النظائر المشعة المغلقة حيث يوضع المنبع الإشعاعي قريباً جداً من الهدف لضمان حصوله على جرعة إشعاعية عالية مع الحفاظ ما أمكن على النسج السليمة.

 

 كيف يتم تطبيق المعالجة الإشعاعية؟

تبدأ إجراءات المعالجة الإشعاعية باستشارة الطبيب الأخصائي في هذا المجال، الذي يقوم بدراسة حالة المريض ومراجعة ملفه الطبي الذي يشمل نوع الورم ومدى انتشاره وأشكال المعالجة المقدمة سابقاً وتقييم أداء المريض العام، وبعد التأكد من جدوى هذه المعالجة يوضع الاستطباب الطبي ويحدد هدف المعالجة، بعد ذلك يشرح للمريض وذويه الفائدة المرجوة من هذه المعالجة والآثار الجانبية المحتملة، ومن الضروري إيضاح جميع الخطوات التالية التي سيتم ترتيبها قبل البدء بجلسات المعالجة، مع شرح موجز عن خطة المعالجة وطريقتها ومدتها. 

الخطوة التالية هي تحديد حجم الهدف المراد علاجه، ويتم ذلك بالاستعانة بأجهزة خاصة هي أجهزة المحاكاة، وهي أجهزة تصوير إشعاعي عادية أو مقطعية لها مواصفات خاصة وأبعاد وقدرة حركة مشابهة لأجهزة المعالجة الإشعاعية، وتؤخذ بعين الاعتبار معطيات الفحص السريري للمريض ونتائج الفحوص الطبية الأخرى كالتصوير الطبي بمختلف أشكاله والتنظير الداخلي.

يلي ذلك تحديد طريقة إعطاء الأشعة من أجل ضمان إيصال الجرعة الإشعاعية المرغوبة في الهدف المحدد ( الورم أو المنطقة التي كان فيها قبل الاستئصال الجراحي ) وحماية أعضاء الجسم المجاورة.

وفي أغلب الأحيان يتم توجيه الأشعة إلى جسم المريض من اتجاهات متعددة، ثم توضع علامات على جسم المريض تحدد حقول المعالجة من أجل إعطاء الجلسات الإشعاعية في نفس المكان بالضبط يومياً. ويمكن أحياناً استخدام بعض وسائل التثبيت الخاصة وخاصة في معالجة أورام الرأس والعنق (مثل الأقنعة البلاستيكية).

بعد هذه الدراسة الأولية التي تتم بإشراف الطبيب يقوم فيزيائي متخصص بحساب المعطيات الخاصة بعملية التشعيع (طاقة الأشعة اللازمة، زمن التشعيع..) ثم تقيم هذه الخطة من قبل الطبيب قبل بدء جلسات المعالجة الفعلية.  

بشكل عام تُجزأ الجرعة الإشعاعية الخاصة لمعالجة المريض على جرعات صغيرة تعطى بشكل يومي وهذا يساعد على التخفيف من الآثار الجانبية لهذه المعالجة. حيث أن الخلايا السليمة في الجسم والتي تتعرض لأذية إشعاعية قادرة على ترميم وإصلاح الخلل فيها خلال ساعات قليلة بعكس الخلايا الورمية التي تخفق في هذا.

خلال جلسات المعالجة تتم متابعة المريض بشكل أسبوعي لمراقبة الآثار الجانبية المحتمل حدوثها ومعالجتها، وتجرى فحوص دموية لمراقبة مكونات الدم.  

 

ما هي مدة جلسة الأشعة وهل العلاج الإشعاعي مؤلم؟

تستغرق جلسة المعالجة الفعلية عدة دقائق لا يشعر المريض خلالها بأي ألم أو انزعاج ويغادر بعدها إلى منزله، ويوصى عادة بالعناية الجلدية لأماكن التعرض للأشعة مثل تجنب استعمال الصابون والمستحضرات المعطرة وعدم التعرض للشمس المباشرة، ولا يمنع من الاستحمام، ويوصى بارتداء الألبسة القطنية الواسعة التي تسمح بتهوية الجلد، وينصح إذا تعرضت منطقة الفم للأشعة  باستعمال الغسول الفموية المطهرة الخالية من الكحول، وينصح بإيقاف التدخين وعدم شرب الكحول.

 

هل يؤثر العلاج الإشعاعي على المحيطين بالمريض؟

جسم المريض بعد تلقيه جلسة المعالجة الإشعاعية لا يصبح مشعاً كما هو الاعتقاد السائد عن بعض الأشخاص، حيث يمكنه الاختلاط مع بقية أفراد أسرته دون خوف أو محاذير.

وهذا الخوف يعود إلى أن بعض الحالات المرضية يتم علاجها بمواد مشعة تحقن إلى جسم الإنسان مباشرة، وبالتالي يصبح جسم المريض (جسماً مشعاً) يجب الابتعاد عنه.. وهي حالة علاجية تختلف كلياً عن المعالجة الإشعاعية الخارجية.  

 

ما هي الآثار الجانبية للمعالجة الإشعاعية؟

من المعروف أن أي تداخل طبي علاجي قد ينتج عنه بعض الآثار الجانبية، والمعالجة الإشعاعية ليست استثناء من هذا، فالأجزاء السليمة من الأعضاء المصابة بالورم الذي نطمح لعلاجه بالجرعة الإشعاعية الفعالة المناسبة أو المجاورة له قد تتعرض لجرعات إشعاعية لا يمكن تلافيها مما يسبب حدوث هذه الآثار.. وهي تتعلق بشكل عام بموقع المعالجة وكمية الجرعة الإشعاعية المعطاة.

بشكل عام تصنف هذه الآثار إلى آثار حادة أو مبكرة وآثار متأخرة، الآثار الحادة أو المبكرة وهي التي تحدث أثناء المعالجة أو بعدها بوقت قصير وتزول بعد انتهاء المعالجة. وأهمها: الشعور بالتعب العام، حدوث تغيرات في الجلد على شكل احمرار واحتقان وسقوط الأشعار في أماكن دخول الحزم الإشعاعية.. المعالجة على منطقة الصدر قد تسبب حدوث التهاب رئة شعاعي يترافق بحمى وسعال وضيق تنفس.. وعلى منطقة الفم فقد حس الذوق، مع نقص في إفراز اللعاب، التهاب الغشاء المخاطي للفم.

أما الآثار المتأخرة تتعلق بالأعضاء الذي تتعرض للأشعة، وتنتج غالباً عن تعرض النسج السليمة لجرعات أعلى من حدود تحملها.. مثل: ضمور جلدي، توسع الأوعية الشعرية، تكثف الجسم البلوري في العين وجفاف العين، حدوث قصور درقي وفقدان وظيفة الغدد اللعابية عند تشعيع الفم والعنق.

بشكل عام تختلف درجة شدة هذه الآثار بين مريض لآخر رغم تعرضهم لنفس البروتوكول العلاجي، ويمكن التقليل من حدوثها باستخدام بالدراسة المتأنية للخطط العلاجية واستخدام تقنيات التشعيع الحديثة التي توفرها أجهزة المعالجة الحديثة.

 

ما هي الأورام التي تعالج بالأشعة؟

تستخدم المعالجة الإشعاعية لعلاج طيف واسع من الأورام الخبيثة، إما وحدها أو بالمشاركة مع الخيارات العلاجية الأخرى. وأهم هذه الأورام: أورام الدماغ، أورام الرأس والعنق ( وخاصة أورام البلعوم الأنفي والحنجرة )، أورام الثدي ( تشعيع الثدي بعد الاستئصال الجزئي أو تشعيع جدار الصدر بعد الاستئصال التام )، أورام الرئة، أورام الجهاز الهضمي ( وخاصة أورام المري والمعدة والمستقيم )، أورام الجهاز التناسلي الأنثوي ( خاصة عنق الرحم والرحم )، أورام المثانة والبروستات وأورام أخرى متعددة.

 

 

الدكتور بسام سليمان سعد

ـ أستاذ مساعد في قسم الأورام / كلية الطب البشري / جامعة تشرين باللاذقية.

ـ دكتوراه واختصاص في الطب النووي ـ الأكاديمية الطبية ـ ماكديبورغ ـ ألمانيا.

ـ رئيس قسم الطب النووي في مستشفى الملك فهد المركزي بجيزان ـ السعودية 1998 ـ 2002

ـ رئيس قسم الأورام في كلية الطب البشري ـ جامعة تشرين 2002 ـ 2006  / 2010 ـ 2014

 

 

 

دليل أطباء طرطوس

  دليل أطباء طرطوس      أطباء اختصاص أشعة أطباءاختصاص أطفال أطباءاختصاص أنف أذن حنجرة أطباءاختصاص أوعية دموية أطباءاختصاص بولية أ...